على ضفاف هذه الحياة ، هناك من يعيش بيننا بروح مكسورة
وجزء من أمل مقتول .. خالياً من تفاصيل السعادة الواضحة
يعيشون بيننا في عزلة قاتله خاليه من تفاصيل الحياة الإجتماعيه
بعضهم فقدوا أحلامهم ، وتاهوا في هذا العالم الكبير
رأيته بين الحضور . . مُنعزلاً عن الجميع بالقرب من زاوية بعيده ..
يجلس بحزن على كرسيه المتحرك ..
وكأنه يعيش في غربة غريبة ،
مغترب بين حنايا روحه ..
بعيداً كل البعد عن أحلامه
ينتظر يد حانية تمسك به لتقوده لطريق الأمل
كان يلزم الصمت ولم يتفوه بكلمة واحده .
لم يرفع رأسه للأعلى خوفاً من نظرة شفقه من أعين من حوله فتكسره
أو ضحكة استهزاء من قلوب جامدة فتزيده ألماً ..
كان ينتظر موعد الاجتماع ..
وكأن دقائق الانتظار كانت هماً ثقيلاُ عليه
عندما اقتربنا منه رفع رأسه . .
فالتقت عيني بعينه ورأيت نظرات الانكسار والألم التي تحتويه
حاورتني أحاسيسه فجعلتني أدرك كم هو مؤلم الجلوس على هذا الكرسي !
وكم هو مؤلم الشعور بالنقص ..!
قرأت في عينيه حديثٌ من حنين ..
حنين لعودة لتلك السنين التي عاش فيها بلا كرسي متحرك
تحرك معنا لقاعة الاجتماعات . .
جلس بعيداً عنآ حتى لا نثير الأسئلة أو الاحتكاك معه بالحديث
وكعادته . . لم يرفع رأسه المتنحي
ولكن . .
فاجئه موضوع الاجتماع ، تحدثت المسؤوله عن ذوي الاحتياجات الخاصة
فرفع رأسه بسرعة شديدة وكأنه يقول في نفسه " سيتحدثون عن معاناتي ! وأمامي"
ولكنه سرعان ما تنحى ، وراقب الأنظار بصمت طويل .
تحدثت المسؤولة بطلاقه عن هذه الفئة من المجتمع
ودخلنا معها في النقاش
ولكنه . . لم يتفوه بكلمة واحده وكان بعيداً جداَ عن حديثنا
كان يتهرب من حديثنا بالعبث في أوراقه ، قلمه أو أي شيء ينسيه موضوع النقاش
كان طفلاً يسابق الفراشات برجليه
ويركض بشغف مع حمامات السلام
يتسابق مع أقرانه بفرح وأمان
كان طفلاً تناجيه النجوم وتحيط به الأنامل البريئة من كل اتجاه
عاش طفولته مع ساقيه فتذوق قيمة أن يعيش المرء برجل يمشي عليها كبقية البشر
وبنى لنفسه أحلام ظن أنها ستدوم
حلم يوماً بأن يكون مهندس ، طيار ، لاعب كرة ،جندي أو فارس مغوار
ولكن شاء القدر أن يسلب منه جزء من جسده
فتلاشت أحلامه وانهدمت آماله..
فتسلله اليأس وعاش فيه الحزن ..
لا تقلق . .
فالحياة ليست فقط أحلام وأماني !
وإنما دروب عصيبة علينا أن نجتازها جميعاً . .
انفض عنك غبار اليأس وكن على يقين بأن الحال لا يدوم
ولا ترضى لنفسك العيش بحزن وانكسار
عد لأحلامك وأرسم آمالك . .
لا تقف عند هذا العجز . .
فربما تكون أنت أفضل بكثير من أقرانك الذين لا ينتمون لعالم العجز
لا تجعل عواصف الحزن تقتلع أحلامك ولا تجعل أمواج المحن تُنسيك الرضا بالقدر ..